طريقة رفع قضية تعويض عن ضرر بيئي في مصر
أصبح التلوث البيئي ومخاطر الإضرار بالبيئة من القضايا التي تهم الدولة والمواطن معًا، خاصة بعد تصاعد حالات التلوث الصناعي والمخلفات الكيميائية التي تؤدي إلى أضرار صحية واقتصادية خطيرة.
وفي ظل اهتمام المشرع المصري بحق الإنسان في بيئة نظيفة وصحية، أتاح القانون لكل مواطن أو جهة متضررة الحق في رفع دعوى تعويض عن الضرر البيئي سواء كان الضرر ماديًا أو معنويًا أو صحيًا.
فما هي طريقة رفع هذه الدعوى؟ وما هي الخطوات القانونية التي يجب اتباعها للحصول على التعويض؟
في هذا المقال نشرح لك بالتفصيل إجراءات رفع قضية التعويض عن الضرر البيئي في مصر وفقًا لأحكام القانون رقم 4 لسنة 1994 وتعديلاته بالقانون رقم 9 لسنة 2009، مع توضيح الشروط والأدلة المطلوبة.
أولًا: ما المقصود بالضرر البيئي؟
الضرر البيئي هو أي فعل أو امتناع يؤدي إلى تلوث البيئة أو الإضرار بعناصرها الطبيعية مثل الهواء، الماء، التربة، الكائنات الحية، أو صحة الإنسان.
ومن أبرز صور الضرر البيئي في مصر:
-
انبعاث غازات سامة من المصانع والمنشآت الصناعية.
-
إلقاء مخلفات كيميائية أو زيوت في نهر النيل أو الترع.
-
التخلص من النفايات الطبية بطريقة غير آمنة.
-
التلوث السمعي والضوضاء المفرطة.
-
الرائحة الكريهة الناتجة عن مصانع أو مخلفات حيوانية.
-
تسرب المواد البترولية أو إشعاعية من منشآت إنتاج الطاقة.
- استشارة قانونية عاجلة لحالات الابتزاز.
ويكفي لقيام المسؤولية القانونية أن يترتب على هذه الأفعال ضرر محقق أو محتمل يصيب الأفراد أو البيئة المحيطة.
ثانيًا: الأساس القانوني لرفع دعوى التعويض عن الضرر البيئي
نظم القانون رقم 4 لسنة 1994 بشأن حماية البيئة – والمعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009 – هذه المسألة في أكثر من مادة، أهمها المادة 84 التي تنص على أن:
“كل من تسبب في الإضرار بالبيئة يُلزم بإعادة الحال إلى ما كان عليه، وبأداء التعويض المناسب عن الأضرار التي تلحق بالغير.”
بمعنى أن الضرر البيئي يوجب التعويض، حتى لو لم يثبت وجود نية أو قصد جنائي، لأن المسؤولية هنا مدنية موضوعية تقوم على نتيجة الفعل لا على القصد.
ثالثًا: من يحق له رفع دعوى التعويض البيئي؟
يحق رفع الدعوى لكل من:
-
الشخص المتضرر مباشرة من التلوث أو الأثر البيئي الضار (مثل إصابة صحية أو تلف في الممتلكات).
-
الجمعيات الأهلية والبيئية المرخص لها بالعمل في مجال حماية البيئة.
-
النيابة العامة في حال كان الضرر عامًا يمس المجتمع أو البيئة العامة.
-
الجهات الإدارية المختصة مثل جهاز شؤون البيئة أو وزارة البيئة.
رابعًا: المستندات والأدلة المطلوبة لإثبات الضرر البيئي
لكي تنجح الدعوى، يجب تقديم أدلة قوية تثبت وقوع الضرر، وأهمها:
-
تقرير فني أو بيئي من وزارة البيئة أو جهة مختصة يثبت التلوث أو الضرر.
-
محضر رسمي أو شكوى بيئية مقدمة إلى جهاز شؤون البيئة أو قسم الشرطة.
-
تقارير طبية تثبت الضرر الصحي الناتج عن التلوث.
-
شهادات شهود أو سكان المنطقة المتضررة.
-
صور أو فيديوهات توثق حالة التلوث أو الأثر البيئي السلبي.
كل هذه المستندات تساعد المحكمة في إثبات الضرر وتحديد قيمته للتعويض.
خامسًا: خطوات رفع قضية تعويض عن ضرر بيئي في مصر
1. تقديم بلاغ أو شكوى بيئية
قبل رفع الدعوى، يُفضل التوجه أولًا إلى جهاز شؤون البيئة أو وزارة البيئة أو الجهة المحلية المختصة لتقديم بلاغ رسمي عن الواقعة.
هذا البلاغ يُعتبر مستندًا مهمًا لإثبات أن الجهة المختصة تحقق في الحادث.
2. الحصول على تقرير فني رسمي
تُكلف الجهة البيئية لجنة فنية بمعاينة المكان وقياس نسب التلوث، وتصدر تقريرًا رسميًا يُستخدم أمام المحكمة كدليل.
3. إعداد صحيفة الدعوى
يُحرر المحامي صحيفة دعوى تعويض عن ضرر بيئي، تتضمن:
-
اسم المدعي والمدعى عليه.
-
وصف الواقعة محل الضرر (نوع التلوث ومصدره).
-
بيان الأضرار المادية والمعنوية.
-
الطلب بالتعويض المالي المناسب.
4. قيد الدعوى أمام المحكمة المختصة
تُرفع الدعوى أمام المحكمة الابتدائية المدنية التي يقع في دائرتها مكان حدوث الضرر أو موطن المدعى عليه.
وفي حال كان الضرر عامًا، يمكن رفعها أمام مجلس الدولة أو محكمة القضاء الإداري ضد الجهة المتسببة في التلوث.
5. نظر الدعوى وتشكيل لجنة خبراء
تُحيل المحكمة الدعوى إلى لجنة خبراء بيئيين لتقدير حجم الضرر، وتُحدد قيمة التعويض على أساس نتائج التقرير.
6. صدور الحكم بالتعويض
إذا ثبتت مسؤولية المتسبب، تُلزم المحكمة المدعى عليه بـ:
-
دفع التعويض المالي للمضرور.
-
إزالة آثار الضرر البيئي وإعادة الوضع لما كان عليه.
سادسًا: تقدير التعويض في قضايا البيئة
القاضي يقدّر التعويض بناءً على حجم الضرر ونتائجه، ويشمل:
-
تعويض مادي: عن الخسائر المالية أو التلفيات بالممتلكات.
-
تعويض صحي: عن الأضرار الجسدية أو الأمراض الناتجة عن التلوث.
-
تعويض معنوي: عن الألم النفسي أو فقدان الإحساس بالأمان.
-
تكاليف إعادة التأهيل البيئي: لإزالة آثار التلوث أو إصلاح الضرر.
وقد تصل مبالغ التعويض في بعض القضايا الكبرى إلى ملايين الجنيهات، خاصة إذا ترتب على الفعل وفاة أو إصابة جماعية.
سابعًا: العقوبات الجنائية في حالة الضرر البيئي
إلى جانب التعويض، هناك عقوبات جنائية نص عليها القانون ضد من يتسبب في التلوث، وتشمل:
-
الحبس من سنة إلى خمس سنوات.
-
غرامة مالية من 50 ألف إلى مليون جنيه.
-
إغلاق المنشأة أو وقف النشاط مؤقتًا أو نهائيًا.
-
إلزام الجاني بإزالة آثار الضرر على نفقته الخاصة.
وتشدد العقوبة في حالة التكرار أو التسبب في وفاة أشخاص أو تلوث نهر النيل.
ثامنًا: أمثلة عملية على الضرر البيئي القابل للتعويض
-
قيام مصنع بصرف مخلفات كيميائية في ترعة مما تسبب في نفوق الأسماك.
-
انبعاث غازات ضارة من مدخنة مصنع داخل منطقة سكنية.
-
تسرب مواد بترولية من محطة وقود إلى الأراضي الزراعية المجاورة.
-
التخلص غير الآمن من النفايات الطبية في المستشفيات.
-
رمي مخلفات البناء في مجرى مائي وتسببه في انسداده.
في كل هذه الحالات، يحق للمتضررين رفع دعوى تعويض مدني، إلى جانب الحق في ملاحقة الجاني جنائيًا.
تاسعًا: نصائح المستشار القانوني إسلام حماد قبل رفع الدعوى
-
اجمع أدلتك بدقة قبل التحرك قانونيًا.
-
احصل على تقرير رسمي من وزارة البيئة أو الصحة.
-
لا تعتمد على الشكوى الشفوية؛ يجب أن تكون مكتوبة ومؤرخة.
-
استعن بمحامٍ متخصص في قضايا البيئة والتعويض.
-
طالب بالتعويض الكامل عن كل نوع من الأضرار (مادي – صحي – معنوي).
-
لا تتنازل عن حقك مقابل تسوية ودية إلا بموجب اتفاق موثق قانونًا.
عاشرًا: خلاصة القول
إن رفع قضية تعويض عن ضرر بيئي في مصر هو حق قانوني مكفول لكل مواطن أو جهة متضررة من أي عمل يخل بتوازن البيئة أو يهدد الصحة العامة.
القانون المصري شدد العقوبات وأتاح للمواطنين اللجوء للقضاء مباشرة دون الحاجة لجهات وسيطة، مع تمكين الجمعيات البيئية من الدفاع عن الحق العام.
لذلك، إذا كنت متضررًا من أي مصدر تلوث أو إهمال بيئي، لا تتردد في اتخاذ الإجراءات القانونية، فالقانون في صفك والبيئة أمانة في أعناق الجميع.